على وقع التحركات الكبيرة في الجنوب، صباح الأحد، جاءت مسيرات الدراجات النارية في العديد من المناطق، في ساعات المساء من اليوم نفسه، لتطرح الكثير من علامات الإستفهام حولها، خصوصاً لناحية الدخول إلى بعض الأحياء، ما أدى إلى بعض المواجهات مع سكانها، لا سيما أن ما حصل كان متوقعاً، لا بل هو يأتي في سياق مشهد يتكرر بين الحين والآخر.
إنطلاقاً من ذلك، برزت مجموعة من التحليلات التي ترى في ما حصل رسالة سياسية إلى باقي الأفرقاء السياسيين في الداخل، من قبل "حزب الله" و"حركة أمل"، على قاعدة أن ما حصل لا يمكن أن يكون "عفوياً"، بحسب ما يؤكد الثنائي بشكل دائم، وبالتالي هناك من أخذ القرار بذلك، وبالتالي من المفترض التعامل معه على هذا الأساس.
في هذا السياق، تؤكد أوساط سياسية معارضة لـ"حزب الله"، عبر "النشرة"، أن معادلة القدرة على إستباحة بعض المناطق لم تعد مقبولة، واضعة إياه في سياق السعي إلى توجيه رسائل إلى باقي القوى السياسية في البلاد، خصوصاً أن الحزب، لا سيما بعد إنتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتسمية رئيس الحكومة المكلف تمام سلام، يجد نفسه مأزوماً، بدليل ما يحصل على مستوى عملية تشكيل الحكومة العتيدة، وتشدد على أنه لم يعد من المنطقي التعامل معها على أساس أنها غير مقصودة، بل هي مقصودة وأكثر من ذلك.
بالنسبة إلى هذه الأوساط، هذه "الحركات" لم تعد مجدية، خصوصاً أنها لم تعد تخيف أحداً في الداخل، لكن في المقابل على "حزب الله" أن يقرر كيف يريد أن يتم التعامل معه من قبل باقي المكونات، نظراً إلى أن هذه التصرفات لن تساهم إلا بزيادة النقمة عليه، في حين أن من يريد إستفزازهم سبق لهم أن عملوا على إحتضان بيئته الشعبية قبل فترة قصيرة، أي خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، وتضيف: "لم يعد مقبولا الإيحاء بأنه من الممكن أن يستبيح أي منطقة متى يشاء"، وتضيف: "لا أحد يضمن إلى أين من الممكن أن تجر البلاد هذه التصرفات في حال تكررت، لا سيما أنها في الماضي أدت إلى سقوط ضحايا".
في المقابل، تؤكد مصادر مقربة من الثنائي الشيعي، عبر "النشرة"، عدم مسؤولية "حزب الله" أو "حركة أمل" عن هذه المسيرات، لا بل تذهب إلى أن ما حصل في بعضها، خصوصاً لناحية الدخول إلى بعض المناطق، كان مسيئاً، وترفض أي حديث عن أن المطلوب كان إرسال أي رسالة إلى الداخل اللبناني، سواء كانت متعلقة بتشكيل الحكومة العتيدة أو إدارة البلاد في المرحلة المقبلة، كما تسعى بعض الجهات السياسية إلى الإيحاء.
وتشير هذه المصادر إلى أن أمين عام "حزب الله" السابق السيد حسن نصرالله سبق له أن تعرض لمثل هذه المظاهر، عندما أعلن رفضه، بشكل واضح، شعار "شيعة شيعة شيعة"، معتبراً أنه غير مناسب لـ"حزب الله" أو "حركة أمل" أو الشيعة في لبنان، وبالتالي لا يمكن دائماً تحميل الثنائي أو الحزب تحديداً المسؤولية عنها، وتضيف: "لو كان الهدف إرسال أي رسالة، كان من الممكن القيام بذلك بأكثر من طريقة، لكن الإنشغال أول من أمس كان بالحدث الأساسي في الجنوب".
إنطلاقاً من ذلك، من المفيد التشديد على أن هذه المظاهر، سواء كانت مقصودة أم لا، فإن مسؤولية التعاطي معها تقع على عاتق الأجهزة الأمنيّة، حيث لا يمكن أن تبقى من دون أي محاسبة في كل مرة، نظراً إلى أن التداعيات التي من الممكن أن تنجم عنها، خصوصاً أن في كل مرة يتم التأكيد أنها غير منظّمة، ما يفرض التشدد في متابعة من يقف خلفها، خصوصاً أن الجيش كان قد أعلن، أمس، توقيف عدة أشخاص، فيما تستمر ملاحقة بقيّة المتورطين.